الخميس - 06 مارس 2025 - الساعة 08:54 م
لقد مرّت القضية الجنوبية بمراحل صعبة ومعقدة، حيث واجهت الثورة الجنوبية أعنف الظروف، ومع ذلك، كان إيمان الثوار وإرادتهم أقوى من أي عواصف تعصف بوطنهم. خلال فترات الاضطراب، غرق الكثير من الإعلاميين والكتاب الجنوبيين في سبات عميق، بعيدين عن فهم معاني استعادة الدولة، بينما كان الواقع يتطلب منهم الصمود والوعي. وفي زمن انعدمت فيه المصالح الشخصية لصالح الوطن، اختار العديد من الساسة والعديد من الصحفيين الصمت متجاهلين ما كان يفعله نظام الاحتلال اليمني بثوار الحراك السلمي الجنوبي الذين ناضلوا في ساحة الشرف والكرامة.
في ظل هذه الأوضاع القاسية، شق الصحفي والإعلامي البطل نجيب اليابلي طريقه بكلماته القوية. كانت مقالاته التي تملأ صفحات صحيفة "الأيام" بمثابة صرخة في وجه الاحتلال الغاشم، حيث وقف شامخاً كالطود العظيم، يكتب عن الفساد والاجتياح الذي أتى به الغزاة الشماليون إلى جنوبنا العربي.
غير أن فراق الكاتب العدني نجيب اليابلي ترك فراغاً كبيرا، حيث لم نتوقع أن يرحل وهو يعاني من قلة الدعم، ولا يتمكن من توفير معيشة كريمة لأسرته بعد مماته. يعدّ ذلك إشارة مؤسفة تعكس ضعف الاستجابة من قيادتنا الجنوبية في معالجة وضعه، في حين أن الكثير من نازحي تعز أصبحوا يشغلون مناصب في مختلف مرافق الجنوب الحيوية.
إن الأسئلة تتزايد: هل من لفتة إنسانية تُظهر التضامن مع عائلة الكاتب الذي ضحى بالكثير من أجل قضيته؟ أو ليست هناك جهود تُذكر لدعم أسرته التي تحتاج إلى العون بعد رحيله؟
نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية تكريم هؤلاء الأبطال، أولئك الذين كانوا حريصين على إظهار معاناة الناس ودعم قضاياهم. لقد كان نجيب اليابلي أكثر من مجرد كاتب؛ كان صوتً للحق، وضميراً للجنوب.
لذا، يجب علينا، كأفراد ومجتمع، أن نتحمل مسؤولية مساعدة أسر الشهداء والمبدعين الذين واجهوا الظلم والعنف. دعم أسرته ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو تقدير لأي شخص وضع قلمه في خدمة قضيته ومجتمعه. يتوجب على قادتنا أن يتخذوا خطوات فعلية لضمان أن يتم تكريم وإعانة كل من وقف في وجه الظلم، وأن تكون هناك برامج للمساعدة والرعاية تضيف قيمة حقيقية لحياة تلك الأسر.
إن نجيب اليابلي يستحق الذكر والتقدير، ويجب أن نعمل جميعاً على جعل إرثه حياً، لنصنع من ذكرى جهوده مثالًا يُحتذى به . لنجعل من تراثه حافزا لإنشاء مجتمع يعتز بأبطاله ويقدم العون لمن ضحوا من أجل أن تعود كرامة الوطن. فلنجعل من صوت نجيب اليابلي بمثابة شعلة لا تنطفئ، ونستمر في النضال من أجل حرية وكرامة الجنوب، بشغف ووفاء لهم ولذكراهم.