الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - الساعة 04:09 م
يا قلبُ . ايها الخافقُ اين موقعكم من الجسد ؟ هل حقًا أنت من هذا العالم الفاني؟ أم أنك نفحة من روح ربي . هبطت لتنير دروب حياتي المظلمة ؟ فما أعظم إيمانك بالسماء ، وتعلقك الشديد بها . حبك المطلق لها، وعشقك وهيامك وضياعك في ملكوتها ،. كل ذلك يجعلني أتساءل: هل أنت حقًا من طينة البشر ، القاسية قلوبهم كالحجر ، وكفرهم بالنعم لم يزدهم إلا شقاءً؟
لا أخالك من طينة البشر ، فمعاناة رحلة الدنيا على حجم مأسيها ودموعها ، والامها . لم تزدك إلا تعلقًا بالسماء ، وكأن خالقها لا يعرف من قلوب العباد إلا أنت . في زحمة الحياة وضجيجها ، حيث تتصارع النفوس وتتيه في غياهب الظل و المادة ، تظل أنت المنارة التي تهتدي بها روحي، والشراع الذي يحملني نحو شواطئ الأمان و السكينة المعادتلان لنعمتي السعادة و العافية الخافية عن الناس الا القليل منهم .
ياقلبُ : لا أدري من ضحية الآخر في رحلة الوجود هذه : أهو قلبي الذي خُلق بقدرات تفوق تقنيات أضخم محركات العالم ؟ معذرة يا رب ، ومن أحسن من الله خلقًا وقولًا؟ أم أنني الضحية الشقي ، وانت القائدُ الماهرُ لهذه الكتلة من اللحم و العظم لخمسة عقود خلت دون كلل أو ملل؟
يا قلبُ . كنت قائدًا مُلهمًا في الطريق . وصاحب رحلة طويلة مليئة بالعثرات والعبرات ، والنهوض . طبيبك الرحمن ينقذك من عفوات الذنوب ويمسحها بغمضة عين من حنايا الصدور ، يهدي من روعك ويداوي جراحها بلا أدوية . تمضي من عثرة إلى أخرى ، وربي المقيل يأخذ على تحملك طوال ما مضى من العمر ، حتى دخلت ملكوت الصالحين من عباده برضًا كبير لم ينل رضاك بعد . على بعد المشقة . عبدٌ عاصً غارقّ في الذنوب ، ورب عفوا غفورا رحيم .
ياقلبُ لا تات محبة الرحمن قطرات ، بل هرولةً ، هبات ، لايتسع الكون كله لها ، نور يغشى الوجود . انها تدفقا روحيا لا ينضب .
ياقلب : ما زلتَ تتوق و تسعى ، في كل نبضة ، في كل شهيق وزفير، نحو ذاك الأفق البعيد ، نحو ذاك النور الذي لا يخبُو . تحمل في طياتك أسرارًا لم تُكشف ، و أمانٍ لم تتحقق بعد ، على اصرار إيمانك بأن كل خير قادم ، وأن رحلة العودة إلى الملكوت مسلم بها في لحظة ، أقرب مما نتخيلُ . إنك يا قلب ُ لست مجرد عضو ينبض بالحياة ، بل أنت قنديلٌ يُضيء ليالي الضياع ، ومفتاح روحي إلى حضرة الجلال والكمال الالهي ،. فسبحان من أودع فيك هذا الشوق الأزلي ، هذا الحب الأبدي الذي لا يعرف حدودًا . كدت بالامس ان تسقط من صدري سهوا ام ماذا لا املك تفاصيل دقيقة للحظات تشخص فيها الابصار لا الافكار . سارعت للاستنجاد بعبادك ممن احب للغوث بالدعاء . استجاب علام الغيوب لكل دعوة طرقت باب السماء ، فبماذا يكون الجزاء يارب ، و نظراتي كانت عليك ، وعلى الدنيا فلماذا لم تفقأ العين الناظرة بالخطأ في الوقت الخطأ بحبٍ اليها ؟ لماذا ؟
يارب انت جراح القلوب و الصدور فهل شقيت قلبي و غسلت حجراته بالرحمة المهداه من جديد ليشفاء الامس من عللِ . لم اشعر بجراحٍ من البشر ، لكني قلبي شد وثاقه بحبلٍ متينٍ من الرجاء . وماخاب من توكل على من تركنا على المحجة البيضاء النقية البياض في ظلمات الليل و في شمس النهار ، ولا يزيغ عنها الا هالك .
و يزيغ قلبي بالنظر
عن خالقي لا بالاثر
ويعيش في كرٍ و فر
يخشى من رب البشر
لكنه تاب و صلى و استقر
دعا اللاه و شكر
لم التقي النجار في باب المدينة
كل من قام نجر
لم يتركوا في الواد شجرا او حجر .
يارب قد شاع الخبر
بدون قصد انتشر
لابد من لقياك ياربي ولو طال السفر*
وان تقوس كل عمرا و نكسر* .
مع خالص الاعتذار بالتصرف في بيتي قائلها الاول الامام احمد تشوقا لزيارة عبدالزراق الصنعاني والثاني شاعر العربي واديب اليمن ومفكرها الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح .