الخميس - 06 نوفمبر 2025 - الساعة 06:35 م
تُعدّ حافلات الركاب الدولية شريانًا حيويًا يربط بين المدن والدول، ويُفترض أن تكون من أكثر وسائل النقل أمانًا وجودة، لما تحمله من مسؤولية في نقل مئات الأرواح يوميًا. إلا أن الواقع المؤلم يكشف عن سلسلة من الحوادث المأساوية التي أودت بحياة العديد من الأبرياء، لتطرح تساؤلات خطيرة حول جودة تلك الحافلات ومدى التزام الشركات بمعايير السلامة.
في الوقت الذي يفترض فيه أن تلتزم شركات النقل بشراء حافلات حديثة ومجهزة بأعلى مواصفات الأمان، قد تجد هناك بعض الشركات تسعى وراء تقليل النفقات وزيادة الأرباح، فتلجأ إلى شراء حافلات أقل جودة أو مستعملة لفترات طويلة، بحجة أن أسعارها منخفضة وتحقق وفراً مالياً. غير أن هذا "الوفر" يتحول إلى كلفة بشرية باهظة حين تقع الكارثة وتُزهق الأرواح بسبب عطلٍ أو ضعفٍ في التجهيزات أو غياب الصيانة الدورية.
والمؤلم في الأمر أن بعض الحافلات قد تبدو من الخارج جيدة، لكنها في الحقيقة تفتقر إلى أبسط مقومات السلامة؛ كأنظمة الإطفاء، وأجهزة الإنذار، ومخارج الطوارئ. بل إن بعض السائقين يُجبرون على العمل لساعات طويلة دون راحة كافية، ما يزيد من احتمالية وقوع الحوادث بسبب الإرهاق أو فقدان التركيز.
لقد أصبحت حوادث حافلات الركاب ظاهرة تستحق الوقوف عندها بجدية، فكل حادثة ليست مجرد رقم في سجل المرور، بل مأساة إنسانية لأسرٍ فقدت أبناءها وأحبتها. ولا يمكن معالجة هذه المشكلة إلا من خلال تشديد الرقابة على شركات النقل، وفرض عقوبات صارمة على كل من يستهين بحياة الناس مقابل الكسب المادي، مع ضرورة تحديث أسطول الحافلات القديمة، وإلزام الشركات بعمليات فحص وصيانة منتظمة وفق معايير السلامة الدولية.
إن حياة الإنسان أغلى من أي ربح، وأي نظام نقل لا يضع سلامة الركاب في مقدمة أولوياته لا يستحق أن يستمر. فالأرواح لا تُعوّض، والمسؤولية تقع على الجميع: الحكومة، والشركات، والسائقين، والمجتمع ككل.