انفوجرافيك | المحرّمي يبحث مع الوزير باذيب استراتيجية تطوير الأداء المؤسسي في قطاعي التخطيط والاتصالات

انفوجرافيك| المحرّمي يطلع على أوضاع الخطوط الجوية اليمنية ويؤكد ضرورة النهوض بقطاع الطيران

انفوجرافيك| المحرّمي يناقش مع وزير الدفاع مستجدات الأوضاع العسكرية وتعزيز القدرات الدفاعية




مقالات


الخميس - 30 أكتوبر 2025 - الساعة 04:52 م

الكاتب: جهاد جوهر - ارشيف الكاتب




ما زال مجتمعنا الجنوبي، رغم ما شهده من تطورٍ ووعيٍ ثقافيٍّ متزايد، يرزح تحت وطأة عاداتٍ وتقاليدَ بالية لا تمتّ لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف بصلة. عاداتٌ توارثناها جيلاً بعد جيل، حتى أصبحت جزءًا من واقعنا، رغم ما تسبّبه من مشقةٍ ومعاناةٍ للناس، خصوصًا في أوقات الحزن والمصاب.

من أبرز هذه العادات المؤسفة ما نراه عند وقوع الوفاة في أي منطقة من مناطق الجنوب، إذ يتوافد الناس بأعدادٍ كبيرة إلى بيت المتوفى حاملين أكياس القات، بحجة أداء واجب العزاء. يتجمّعون لساعاتٍ طويلة، وربما لأيام، في منزل أهل الفقيد، يتناولون القات ويتحدثون، فيتحول بيت الحزن إلى ما يشبه المجلس العام أو الديوان المفتوح.

لكن ما لا يدركه كثيرون أن هذا السلوك ـ رغم أنه يُقصد به المواساة ـ يسبب لأهل الميت ضيقًا ومعاناةً نفسية كبيرة. فهم في وقتٍ يحتاجون فيه إلى الراحة والهدوء والسكينة لتقبّل مصابهم، يجدون أنفسهم مثقلين بخدمة الزائرين وإعداد القهوة والشاي لهم، فضلاً عن الشعور بالإحراج من مغادرة المعزين أو إغلاق الباب في وجههم.

لقد تغيّر الزمن، وتبدلت الوسائل، وأصبحت التعازي تصل عبر الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن الكلمة الصادقة والدعاء من القلب أبلغ أثرًا من حضورٍ شكليٍّ يرهق أهل الفقيد أكثر مما يواسيهم. إن واجب العزاء لا يعني بالضرورة الجلوس لساعاتٍ في بيت المكلومين، بل يكفي أن نقف معهم معنويًا، ونخفف عنهم بعباراتٍ طيبةٍ ودعاءٍ صادق.

ومن هنا، يجب علينا كمجتمعٍ واعٍ أن نعيد النظر في مثل هذه التقاليد التي تجاوزها الزمن، وأن نستبدلها بما يتناسب مع روح الدين الإسلامي الذي يدعو إلى التيسير لا التعسير، وإلى المواساة لا إلى زيادة المعاناة. إن تغيير هذه العادات ليس انتقاصًا من قيمنا الاجتماعية، بل هو تطورٌ نحو وعيٍ أرقى وفهمٍ أصدق لمعاني الرحمة والإنسانية.

لقد آن الأوان أن نتحرر من المظاهر الزائفة التي تُثقل كاهل الأسر المكلومة، وأن نفهم أن الحزن لا يحتاج إلى مجلسٍ مزدحمٍ بالناس، بل إلى قلوبٍ رحيمةٍ تشارك الألم بصمتٍ وصدق. وليكن عزاؤنا بالنية الطيبة، وبالدعاء الصادق، لا بالزيارات الطويلة والقات الذي لا يليق بمقام الموت.