الخميس - 30 أكتوبر 2025 - الساعة 06:18 م
العمل كقاض في المحكمه عمل شاق لا انصح به ، يستنزف نحوا من صحة القاضي و الكثير من طاقته ، جميع القضاة الا ما رحم ربي يرتدون النظارات و بقياسات فلكيه نتيجة لكثرة القراءه ، فالقاضي يمضي نهاره في قاعات المحاكم وهو يستمع الى صراخ المتقاضين و يمضي أوقات الليل في مطالعة الملف وماحواه من عرائض وردود ودفوع ، لأن هذا العمل وان كان يستنزف نحوا من صحة القاضي وبصره إلا أنه يقوم بهذا العمل لاجل خدمة المجتمع و الحفاظ على السكينه العامه .
بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا في عدالة الأحكام التي يصدرها القضاة لأن اتفاقنا أو اختلافنا لن يقدم أو يضيف جديد ، لأن الحكم بلغة القانون عباره عن تعبير بليغ حصيف عن قناعة القاضي ، ويحق للمحكمه الأعلى درجه مناقشة هذا القناعه بكل تفاصيلها مع إصدار حكم بتأييد هذه القناعه التي توصل إليها القاضي أو رفضها.
بدأت الناس في المقاهي العامه تتناول الاحكام القضائيه بالنقاش و بتشجيع خاص من بعض المواقع الالكترونيه وتطبيقات مثل الفيس بوك ، وقد تصادف إن كنت في إحدى المقاهي حينما احتدم مثل هكذا نقاش بشأن إحدى الأحكام القضائيه بين مؤيد لهذا الحكم وناقدا له وقد سمعت من الآراء مايضحك وكان من ينتقد على علم ودرايه بتفاصيل القضيه ، تدخلت متطفلا في هذا النقاش في محاوله لايقاف مثل هذا النقاش لأجل ايصال رساله للحاضرين عن مشقة عمل القضاة..
بدأت الحديث بالثناء والتقدير للقضاة على مايبدلونه من جهد في سبيل الحفاظ على السكينه العامه موضحا بأن القانون مهما ما كان مثاليا يبقى عبارة عن نصوص جامده ، فالقاضي هو من يعطي لهذه النصوص بعضا من إحساسه ومشاعره ونحوا من نبضات قلبه ليخرج هذه النصوص من حالة الجمود إلى حاله من الحياة يحي فيها هذا النص ويشعر من خلال مااودعه الله تبارك وتعالى من رحمه وتقدير في شخص القاضي ، والذي يقضي الساعات وهو يعاين النصوص يوزن بين الادله يفاضل بينها من باب القوه والحجيه ليبني قناعته بتروي وبطء وهو متوجس من ارتكاب الخطأ ، يقضي ليال بين الهم والقلق لأن القاضي يعلم بأن في الغد حساب ليس أمام هيئة التفتيش القضائي أو أمام مجلس القضاء الأعلى إنما أمام من لايغفل ولاينام.
اذا سلمنا بأن القاضي أخطاء ، فالقاضي بشر يصيب مره و بخطى مرات ، لأن الخطا يجري في الإنسان مجرى الدم ، ليس هناك أحد معصوم من الخطا ويكفينا أن نتذكر الحديث الذي رواه ام المؤمنين ام سلمه رضوان الله عليها قد روت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام قوله " إنما أنا بشر وانكم تخاصمون لدي ، ولعل بعضكم الحن بحجته من بعض فاقضي بنحو ما اسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فأنما اقطع له قطعه من النار" هذا اشاره لالبس فيها عن الخطأ إنما يعذب القاضي بتعمد الظلم كان يعلم القاضي الحق ويقضي بغيره ، ولكن أن وقع القاضي في الخطأ وهو يعتقد بأن مااصدره من الحكم عادل الامر يقاس هنا على صدق النيه ولايعلم صدق النيه سوى الله تبارك وتعالى.
لذلك اقول دعوا القضاة وشانهم فأنتم لاتعلمون كيف ينام القضاة وكيف يستيقظون..! فنحن القضاة لانرى الكوابيس في منامنا و لكن نرى الكوابيس حال استيقاضنا ، لذلك اذا التمست عذرا واحدا لصديق توده ، فالقضاة يستحقون أن تلتمس لهم ألف عذر قياسا على الظروف الاستتنائيه والقاسيه الذي يعملون بها مع ذلك يعملون بصبر ويسهرون الليل لأجل أن ينعم أفراد المجتمع بنوم هادئ ،وكفى بالله حسيبا .
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد