الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - الساعة 03:38 م
بدأت اليوم تظهر أصوات وأبواق إعلامية شمالية تشكك في مطالب الشعب الجنوبي الخاصة بالاستقلال وتؤكد أن الغالبية مع الوحدة، إلا أنهم في الوقت ذاته لن يسمحوا للجنوب بالتعبير عن رأيه. في الحقيقة، هذا الحديث لم يأتِ من فراغ، بل هو محاولة مكشوفة لاستغلال ملف النزوح وتحويله إلى أداة سياسية للتأثير على إرادة الجنوب لكونها آخر ما تبقى لديهم من اوراق في الجنوب.
المشهد يتكرر بأسلوب مألوف، يشبه ما كان يستخدمه نظام صنعاء السابق، حيث يتم تضخيم الحشود وإظهارها كتمثيل للرأي العام، بينما الحقيقة أن هذه الحشود جزء من فئات وافدة لا علاقة لها بالهوية الجنوبية، بل جاءت أحياناً للعيش في ظروف أفضل أو لتكون أداة ضغط سياسية جاهزة.
هذا الأسلوب ليس غريبًا على الساحة اليمنية، فهو امتداد مباشر لأساليب النظام السابق بقيادة علي عبدالله صالح، الذي أتقن لسنوات لعبة الحشود المأجورة، تضخيم الأصوات، وخداع الرأي العام بصور "الجماهير المؤيدة"، بينما الواقع كان مبنيًا على الولاءات المدفوعة والهياكل المصطنعة. واليوم، يبدو أن نفس العقلية تعود بوجه جديد، تحاول استخدام الجنوب بنفس الأسلوب: خلق كتلة جاهزة للتحشيد، ادعاء تمثيل الناس، وتزييف الواقع.
المواطنون الجنوبيون استقبلوا النازحين بإنسانية وكرم، لكن تحويل وجودهم إلى أداة سياسية يمثل خطرًا على الهوية والديمغرافيا الجنوبية. المعركة الحقيقية ليست في الشوارع، بل في الوعي الوطني وصون الحقوق والسيادة.
الجنوب أثبت عبر التاريخ أنه لا يخضع للضغط، ولا يُستغل بسهولة. وكل من يظن أن جمع جموع مستوردة أو امتيازات مالية ستفرض إرادة جديدة على الأرض، فهو يغفل صلابة الوعي الجنوبي وإصرار أبنائه على تقرير مصيرهم.
إن استمرار محاولات استغلال الملف الإنساني لأغراض سياسية هو اختبار صريح لقدرة الجنوب على التمييز بين من يستحق الدعم ومن يريد استغلاله، وقدرة أبنائه على حماية هويتهم وأرضهم. في النهاية، القوة الحقيقية ليست في أعداد المتظاهرين أو في الصور الإعلامية، بل في وعي الشعب وصموده وتمسكه بهويته، وهو ما سيظل السد المنيع أمام كل محاولات الالتفاف على إرادته.